الفنان .. فؤاد ذنون شمعة عراقية تحترق لتضيء باحة المسرح
كاتب الموضوع
رسالة
simsima
المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 25/04/2010 العمر : 39
موضوع: الفنان .. فؤاد ذنون شمعة عراقية تحترق لتضيء باحة المسرح الخميس أبريل 29, 2010 4:12 pm
ملاذات الفن الإبداعية بجل مخاصبها الابهارية ، أيقونات سحرية تشتغل في مواطن اللامرئيات داخل تلك الصور الشفيفة التي تسكن بتؤدة في ملامح النفس ، وتستوطن لواعج الروح ، لتخترق فضاءات تلك اللوعة المهمومة بالإبداع والتجديد ، لتشظي جدران الصمت الموحش داخل الذات ، وتهرب مندهشة تقودها خطاها المؤطرة بالرفعة ، صوب تلك المناخات المغلفة بالبوح ، وحينما يكون ذلك الملهم ( الفن ) هو الجذوى المتجذرة داخل ماهيات الذات ، حينها يكون الإفصاح عن الدلائل والرموز والماهيات رائعا وراقيا ومبهرا ، بالقدر الذي يسكن هذا الكائن المُلهم ( الفن ) داخل تلك الرؤى الحالمات لذات الفنان ، ليرتقي بمنتجه الابداعي صوب مساحات الإبداع الواسعة ، ليسجل له تاريخا ملحميا ، تنقشه الذاكرة الفنية العراقية بإبهار وإجلال أخاذين .
simsima
المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 25/04/2010 العمر : 39
موضوع: رد: الفنان .. فؤاد ذنون شمعة عراقية تحترق لتضيء باحة المسرح الخميس أبريل 29, 2010 4:22 pm
والفنان المبدع الخلاق ( فؤاد ذنون ) مدير الفرقة القومية للفنون الشعبية التابعة للمؤسسة العامة للسينما والمسرح العراقية ، من طراز الفنانين العراقيين المتجذرين في ذاكرة الفن وذاكرة الوطن على حد سواء ، حيث سجلت تلك الذاكرة الحية اسمه بأحرف من طراز لامع ، وبأحرف منحوتة بماء الذاكرة الجمعية المشاهداتية العرضية الراقية ، على مستوى مسارح العراق ، والمسارح العربية والعالمية ، على مدى أكثر من أربعة عقود خلت ، أسس ( ذنون ) خلالها كينونته الفنية الرائعة ، التي يشار لها بالبنان بجل المحافل الفنية العربية والعالمية ، باعتباره فنانا شاملا متعدد المواهب ، ذو بصيرة إخراجية وفلكلورية عراقية نافذة ، ويمتلك آفاق مبهرة ، والتي صقلها عبر مهاراته الذاتية التي استطاع من خلالها أن يؤطر نتاجه الفني الرائع بأسلوب فنيّ راقيّ ، اجتهد ان ترتقي به لمصاف الاحتراف ، ليسكن مطمئنا داخل ملامحه الفنية الرائعة ، ولا يغادرها البتة .
simsima
المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 25/04/2010 العمر : 39
موضوع: رد: الفنان .. فؤاد ذنون شمعة عراقية تحترق لتضيء باحة المسرح الخميس أبريل 29, 2010 4:28 pm
التقيت بالفنان ( فؤاد ذنون ) في أروقة المؤسسة العامة للسينما والمسرح في بغداد ، وقد علت على محياه ابتسامته الشفيفة المعهودة ، بادرته قائلا قبل ان نلج في أحاديث الماضي الموجع الفائت ، حين كان ( ذنون ) يصهر نفسه حد ان يذوب او يحترق في البروفات والعروض ، ليخرج بالتالي ( بخفي حنين ) او برغيف خبز يقتاد به هو وعياله ، لكنه بذات الوقت كان حالما كبيرا وصاحب رؤية واضحة وعلمية للفلكلور العراقي ، لذلك كان فنانا ملتصقا بأرض العراق ولم يغادرها البتة رغم ان كل عائلته يقطنون خارج العراق سألته كيف الحال أبو علاوي : -
وبضحكته المجلجة الجملية ، ومفردته التي يطلقها باستمرار وعلى وجه السرعة .
- حبيبي .. بشرني كيف حالك أنت .
لان منطقة اشتغال ( فؤاد ذنون ) هي الفنون الشعبية ، فتجده دائم الحركة ولا يستقر في مكان واحد ، وحتى مكتبه كمديرا للفرقة ، لا تتجاوز مدة جلوسه فيه سوى بضع دقائق ، لذا أحسست بان عليّ أن ادخل بصلب موضوعتي المزمع على انجازها ، فقلت على طريقته المحببه وعلى وجه السرعة ايضا .
- كيف الحال ؟ اين العائلة الآن .. معك في بغداد ؟ .
- لا والله حبيبي ، العائلة كلها في الأردن ، وأنا وحدي هنا في بغداد ، وأخوك انشطر الى نصفين نصف داخل بغداد والآخر مع عائلتي .
- تزورهم ؟
- لا وعيونك .. إلا أذا سنحت الفرصة لي ، أو كان هناك فترة استراحة من العمل في الفرقة ( ابوك ) نفسي واذهب لأراهم ، وأنت خير العارفين ، ذرة تراب من ارض العراق ( تسوالها ) جبل من ذهب بالغربة .
تفرست في ملامح وجهه التي بدت أكثر تعبا وإرهاقا ، وقلت في نفسي ، هذا هو ديدن العراقي الأصيل ، يحترق داخل وطنه ، ولا يغادره ، وبخاصة الفنان المرهف الحس المهموم بانشغالاته الفنية الخصبة ، والذي تسكنه تلك الشجون العبقة ، والملامح الجمالية العالية ، ليحليها الى صور مرئية سامية ترتقي لمصاف نهضة العراق الجديد الذي ننشده جميعا وعلى مختلف المستويات الفنية والثقافية والاقتصادية والإنسانية .
simsima
المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 25/04/2010 العمر : 39
موضوع: رد: الفنان .. فؤاد ذنون شمعة عراقية تحترق لتضيء باحة المسرح الخميس أبريل 29, 2010 4:34 pm
ولم أشعره البتة وأنا التقيه ، بأنني مزمع في الكتابة عنه وعن مسيرة الفنية الطويلة الرائعة التي لا اعرف مستجداتها ، فحاولت أن انتزع منه وعلى عجلة أيضا ، ما ارميه من مقصدي في لقاءه ، لذا بادرته قائلا :-
- عاشت أيدك وذهنك الفني المتقد الراقي ، في إخراج اوبريت المصالحة العراقية ، الذي شاهدته عندما دعيت في احتفالية مؤسسة النور بعامها الرابع في العام الماضي ، والله واقسم لك ، لقد بكى الجميع وبخاصة المغتربين من أهل مؤسسة النور ، حتى ابتلت وجناتهم الرقيقة بدمع يشبه لون طلع نخل العراق البهي ، أما أنا شخصيا الذي لم أغادر بغداد منذ السقوط لحد اللحظة ، لم أتمالك نفسي ، فبكيت كثيرا ، على العراق وعلى أهل العراق الطيبين النجباء الاصلاء ، الذين فعل الزمن بهم ما فعل ، نعم أبكاني ، مما اضطرني للخروج خارج صالة العرض لأجهش بالبكاء ، فأجابني على الفور .
- ( لعد آني شكول ) نشف دمعي ، وذبلت جفنايّ أثناء البروفات من ( الكهد ) .
حاولت ان اتجه بموضوعتي باتجاه آخر ، لعلني انتزع منه بعض الذي يخصني من هذه العجالة ، قلت له حبيبي ابو علي ، أتذكر انك بدأت الفن عام .. عام .. قاطعني بطريقته المحببة والسريعة .
- حبيبي أستاذ سعدي ، أنت خير من يعرفني ، أنا بدأت مشواري في طريق الفن الغير معبد ، والغير مفروش بالزهور ، ( خو أنت هم لاحك هوايّ من الضيم ) في صميم كبدك ، أنا بدأت عام 1971 ، في مجال الرقص الشعبي لأنه قريب من الرياضة ، وكنت حينها شابا يافعا ، عاش في كنف منطقة شعبية قديمة ، وبطبعي أحب التراث والفلكلور العراقي ، بل اعشقه ، حد الهوس ، واعشق الموسيقى بجل انتماءاتها ، الشعبية والعربية والعالمية ، فقلت في نفسي ، أفضل شي اجمع كل هذه المخاصب الفنية ، وادرس التراث والفلكلور واقرأ عنهما ، وأتخصص بإخراج اللوحات الفلكلورية والتراثية العراقية .
وقبل أن أغادره ، سألته هل من جديد ، تفرحنا به على مستوى الفرجة العرضية الجملية التي عودتنا عليها ، وتثلج صدورنا به ، في عهد العراق الجديد ، بعد ان استنزفت دموع مآقينا قي لوحاتك السابقة الرائعة المكتنزة بالإبهار الجمالي ، والتأثيث الصوري الراقي ؟
أجاب وأيضا بطريقته المحببة السريعة :-
- ستشاهد عن قريب ، لوحات فلكلورية تراثية عراقية تذكر الجميع بأيام طفولتهم وألعابهم الجميلة في أزقة المحلات البغدادية القديمة ، وأنا أقوم الآن بالبروفات عليها مع أعضاء الفرقة الذين اعتبرهم أولادي والذين وقفوا معي وقفة ( زلم ) رجالا ونساءا ، لأنهم مثلي لم يغادروا وطنهم ، وظلوا متمسكين بترابه كالفنانة الراقية ( هناء عبد الله ) التي يتذكرها جميع العراقيين بلوحة ( أم العباية ) الشهيرة ولأنها من الفنانات الراقيات اللواتي نذرن أنفسهن للفن .
وقبل ان يغادرني ، أظنه قد اكتشف خفايا اللعبة الدرامية التي حكتها ضده ، وأفصح عن نواياه قائلا ، بداعت أبو حيدر هذا للنشر ، فلم استطع إخفاء الأمر عليه ، فقلت ، بلى ، فأردف وقد ارتسمت على محياه ابتسامة تكاد تنفرج عنها كل أساريره ، أرجوك إذا نشرت ما تحدثنا به للتو ، ان تسجل امتناني الوفير وعرفاني الجم للسيد معالي وزير الثقافة والدكتور شفيق المهدي مدير المؤسسة ، لمساندتهم لي ولإعمالي ، ومساندتهم للفرقة ، ووقفتهم النبيلة الرائعة ، مع جل قضايا الفن والثقافة العراقية وبالإجمال ، من اجل ان نخطو خطوات واثقة جريئة على طريق ترصين مهمات الفن والثقافة ، وفي بناء العراق الجديد الذي ننشده جميعا ، وبلا استثناء .
غادرت ذلك الوجه الذي أنهكه العمل لأربعين عاما ونيف ، في جل مخاصب الفن والمكابدات اليومية والبحث والتقصي في كتب التراث والفلكلور ، ليطل على جمهوره بلوحة تراثية رائعة تثلج صدروهم ، لتتنفس راءاتهم هواءا فنيا راقيا نقيا ، بعدما ملأتها الحروب بدخانها العفن ، هذا الفنان الرائع النبيل ( فؤاد ذنون ) حينما تراه تشعر على الفور من نبرة صوته واتقاده الفني النبيل ، وحرقته على فنه ، وعشقه لوطنه ( العراق ) وكأنه شمعة عراقية جليلة تحترق ، لتنير باحة المسرح الذي علينا جميعا ، أن نجعله وضاءا على الدوام .
الفنان .. فؤاد ذنون شمعة عراقية تحترق لتضيء باحة المسرح